Monday, October 8, 2012

--- 5 ---

عجيبا هو أمرك أيتها الجنية!! من اي فصلية من الجن أنت، ألا تملين هذياني؟ ألم تتعبي مني؟، لماذا عدت؟؟؟ ، ألم تملي كل تلك الانكسارات التي شاهدتيها على وجهي على مر السنين، ألم يكن من الافضل ان نصحتني بالتوقف عن السعي وراء تلك الخيبات يوما بعد أخر، أكل الجنيات مثلك؟ ما الذي تخبرينه لهم عني في لقاءاتك بهن؟؟ أتتحدثون عن اي فاشل ترافقين!، أم لعلك تخفين الحقيقة كي لا تظهري بمظهر يشابه مظهري بملامحه المزرية هذه، أم انكم في عالم الجن لا تتناقلون الأخبار والأحداث، أنتم فقط تعلمونها، أي حكمة منحكم الرب؟ هذا سؤال لن انفك اسأله لنفسي، فأنا لن اسألك عنه وكل دراية بأنك لن تجيبي عليه، ولنقل انك لم تجيبي ابدا على اي سؤال طرحته عليك، أتعتقدين إن ذلك لم يكن يغيظني؟؟ أو كانت متعتك الوحيدة هي اغاظتي؟؟؟ هل كان علي ان افهم لغة وتعبيرات وجهك لأتمكن من الحديث معك كل تلك السنين، الابتسامة تعني الرضى، عقد الحاجبين يعني الرفض، الاشاحة بالوجه تعني عدم الاهتمام، زم الشفتين!!! رفع أحد الحاجبين!، قلب الشفة السفلى!، العض على الشفة العليا، وألاف الحركات والتعبيرات، لغة طالما مكني تعلمها من عدم الاكتراث بالحديث مع الكثيرين فلماذا احدثهم طالما انا قادر على الغوص في خبايا نفوسهم بقراءة تلك الوجوه التي يحملونها، لم اتدرب كثيرا لكي تصبح النظرة الاولى إلى اي شخص كان هي مفتاح شخصيته، ووضع الخوارزمية الكاملة للتعامل معه، لربما كانت النظرة الاولى عندكم تعني احساسكم تجاه الاخرين، بينما تعلمت انا ان تكون النظرة الاولى هي معرفة كاملة بالنسبة لي، تعلمت كيف أقراها كبطاقة كتب عليها الكثير من المعلومات، ليست تلك بنعمة نتحدث بها، ولن تكون ميزة للافتخار، إن الفضول يشكل اهم اسباب التخاطب الانساني والتعاطي بين البشر بمختلف اجناسهم، ولن تكتشف الاخر دون ان تحدثه وتختبره، وتختبر مشاعره تجاه ما تقول او تفعل، ولابد من التفاعل الانساني للوصول إلى حالة من التواصل مع الاخرين، لكني فقدت كل ذلك بسببك ايتها الجنية، علمتني كيف اقرأ الناس حتى دون ان انظر نظرة ثانية لوجوههم، كانت تلك نعمة تصطف في مصافي النقمات، في البداية كنت استمتع بها، كلما دخلت مكانا عاما، ابدأ بالنظر من حولي، احاول ان أقرأ افكار من يتواجدون في ذلك المكان، من هو السعيد ومن هو التعيس، من يجلس مع زوجته، ومن هو الجالس مع صديقته، من يتخذ القرار، ومن يعجز حتى عن التفكر بأجوبة لأسئلة تطرح عليه، صورة وجوهم تعبيراتهم، كلها افكار تجتمع في رأسي، وكلما زاد العدد كنت اتحدى نفسي في محاولة لجمع اكثر التعبيرات، وقراءتها، وتمر الساعة بعد الساعة وانا جالس أراقب الناس غارق بيني وبين نفسي، والاخرون من حولي، يعيشون حياتهم، يتكلمون ويعبّرون عن نفسهم، ربما هم ضائعون، أو خاسرون، لكنهم يملكون الوقت ليعيشوا حياتهم التي اضيع أنا وقتي في مراقبتها،

 أعرف انك ستقولين لي انه خطأي، فأنت علمتني المقدرة بينما تهت انا في استخدامها، المقدرة في قراء الاخرين، في فهم افكارهم، مقدرة يتمناها الناس، ولن يتوانوا في الاستفادة منها، لكن ألم يكن هناك ما يغيب في تلك المقدرة، ألم اخبرك دوماً إنه ينقصني الهدف في الحياة لكي استفيد من تلك المقدرات؟

 الحياة بحاجة لأهداف نبحث عنها؟، تلك كانت فكرتي التي طالما رددتها على مسامعك، لم تكوني مكترثة بتلك الفكرة، كنت تشيحين بنظرك كلما وردت تلك الكلمة "الأهداف"، أوقعتني في حيرة معقدة، اظن إني لم افك طلاسمها حتى اليوم، حتى حين بدأت افهم الحياة بدون اهداف وبدون تلك التعقيدات المرتبطة بالأكوان وبالخالق والخلق، أستمرت قضية الحياة بدون هدف تصنع مني مجرد قزم امام شجرة لا يقوى على التفكير في تسلقها، لكنه قزم عنيد، لن يعترف بفشله وضياعه، كما لن يعترف بخوفه، وستبقى الشجرة تقف في طريق حياته، التي كنت تصرين بنظراتك الثابتة، معلنة أن مفتاح الحل بيدي، انا القزم، وانا أمام الشجرة، وانا في موقع الاحداث، أنا كل ما هو عليه، و أنت فقط تحدقين بي بنظرة لا تملك من الافكار غير أن التجربة هي مفتاح الحل، لايكفي أن تملك الجواب للمسألة، عليك ان تجرب الحل، عليك ان تختبره بنفسك، أن تعيشه، تتحداه في كونك تسير على درب انت رسمتها، وبدون تلك المحاولات لن تعرف ابدا إن كنت مصيبا او مخطئا، ولعل الندم سيكون هو الشعور الاكثر انتشارا في خلايا رأسك المتعب في الأخر إن لم تعش متعة تلك التجربة التي قررت لنفسك عدم جدوى الخوض بغمارها!! هل تعلمت الدرس الخطأ، هل اكتفيت بالأجوبة وابتعدت عن الحياة، سؤال تجيب عليه الحالة التي تمر بي يوم بعد اخر، بين متخبط في الفراغ، وفارغ من السعادة، كما تفرغ جعبتي من الاحزان! 

No comments:

Post a Comment