Monday, October 8, 2012

--- 3 ---


سنين مرت منذ لقائنا الاخير!!!
كنت اظن انك لن تعودي هذه المرة، ايتها الشقية الفاتنة، لا افهم كيف لا يتغير عمرك، كيف لا تكبرين، وانا قد غزا الشيب شعري، وبدت ملامحي اكبر من عمري، لم تزل ابتسامتك على وجهك، وعيونك المتسعة بلونها الاسود، وتلك الهالة التي لا تنضب من حولك، من أين لك كل هذه الطاقة التي تشع نورا بدون نهاية، ايتها الروح الطاهرة البريئة كطفلة، الناصعة كجبل من الثلج، إن لحرارة يديك أثر لا يمكن ان ينساه من لامسهما، وإنك تعلمين اي ضياع عشته منذ ان فارقت نظراتك الفراغ المحيط بي من كل جانب، فهل عدت لتكتشفي الضياع الذي اعيشه كخبز حياتي اليومي، ام لعلك تأملين اني قد اكتشفت سر السعادة الذي طالما كنت أتوقع منك ان تقودينه إلي أو تقوديني إليه!!

 لابد إن قراءة ماسبق من الكلمات جعلتكم تفكرون بي، فالبعض بدأ يعتقد أني مجرد مجنون أخر في هذا العالم المليء بالمجانين!!، وأخرون يصدقوني لكنهم في حيرة من امرهم و يتساءلون كيف اختارتني تلك الجنية، ولابد ان الفضول بدأ يثير مخيلة الكثيرين منكم، وأنا أشتم روائح الحسد أيضا عند بعضكم، فمن لا يحسد فتى قد قابل جنيته الجميلة وإن كانت شفافة لدرجة يصعب رؤيتها، ولأصدقكم القول في البداية حتى انا حسدت نفسي على تلك الحالة التي وقعت بها، وقد كنت بدأت ارسم صورة مشرقة للحياة التي سأعيشها، وبدأت الحدود تختفي من خططي للمستقبل في خيالاتي، فكيف لا تكون كذلك وانا ارى كل ذلك البهاء والاشراق في عيني تلك الجنية التي كانت هناك دوما لتنظر إلي وتبتسم، ولم يكن سريري الصغير يتسع لكلانا لولا انها كانت تدع لي المساحة الاكبر من السرير وتكتفي لها بجزء ضئيل لايكفي لجسدها الممتلئ وهو شيء لم أنتبه له في البداية، فهي لم تكن نحيفة كما تتخيلون الفتيات الجميلات، كانت ممتلئة بشكل ملفت، لكن برشاقة جنية، تتحرك بقوة لكن بكثير من الليونة، ولا تخلو حركتها من غنج البنات، لم يكن يهم حجم السرير، او حجم اي مكان تتواجد به، فليس للأبعاد معنى عندما تتحدث عن جنية، كل الامكنة تتسع لها، وليس لدى الامكنة من شكوى لوجودها فيه.

 لابد اني كنت في حالة فوضى وليست كلمة مشوش كافية لوصف حالة الفوضى العقلية التي حاولت جاهدا من تجاوزها في ايجاد طريقة للتعامل مع قضية الوجود المادي لها، فهي ليست موجودة مادياً!!، لكنها موجودة في ذات الوقت!!، نظرتها تزن قنطار، ابتسامتها لا تكفي السماء الصافية بعرضها لتتسع لها، كل ذلك البهاء الذي ينتشر في المكان، يجعل من الهواء اثقل فتشعر بنفسك اخف مما كنت عليه حتى لتظن انك قادر على الطيران وبأن الجاذبية قد اختفت من تحتك، وبدأت تنتشر قضايا كثيرة محيرة من حولي مع مرور كل لحظة، فأسئلة تبدأ ولم تكن تنتهي مع وجود تلك المخلوقة ولا أدري لو يصح ان نطلق عليها تسمية المخلوقة، حتى إني لم اكن اعرف كيف اصنفها ضمن ما أعرفه في الحياة، كنت أريد ان أسأل احدا ما عنها، لكه هذا يتوجب علي ان اخبر الأخرين بقصتي، أبناء الجيران، او ربما أصدقائي في المدرسة، لا!!!، كنت اشعر بأنهم أصغر سنا وأسخف من أن يصدقوني، ها أنتم تلامسون كيف بدأت أشعر بالفوقية على أقراني، لعل قصتي ستجعلني سخرية لهم ولن يتوقفوا عن الاستهزاء بي، كنت حائرا في أنه لابد لي ان اخبر أحدا كبيرا لدرجة يفهم مالذي جرى معي، كنت بحاجة لمن يقول لي كيف أتعامل مع هذه الجنية التي اخترقت حياتي دون حتى ان تسألني عن رأي، بالطبع كنت سأوافق لو سألتني ذلك، فليس من نقاش حول هذا، لكني حينها كنت حاولت جهدي ان استعد نفسيا، أن أقرأ بعض الكتب، اسأل من قد يجيبني، فلم يكن هناك من خوف من ان يكتشف احداً قصتي وقتها، لكن بعد أن اصبحت هنا تجلس في غرفتي الصغيرة، لن يكون من السهل الافشاء بهذا السر، ولن يتوقف عقلي عن التفكير، لا ادري كيف لي ان اصف لكم تلك الحالة التي كنت بها؟ ربما لو تواجهون جنية مثلي قد تعرفون لماذا ابقيتها سراً لم ابح به في حياتي لأحد! 



No comments:

Post a Comment